المظاهرات بين أمس مُلح وحاضر مِلح

Posted by سعيد محمد الشعشعي On الاثنين، 23 أبريل 2012 0 التعليقات

مدونة مكتبة الأصـــالــة للكتب http://book-alasaala.blogspot.com/
المظاهرات بين أمس مُلح وحاضر مِلح
نظرة موضوعية على الأحداث الحالية

سعيد بن محمد بخيت الشعشعي
‏05‏/ربيع الثاني‏/1433

محاولة لقراءة الواقع الحالي بما يتناسب مع الحاجة ومناقشة مقتضبه في أوضاع المظاهرات الحالية في بعض المحافظات بالسلطنة

المقدمة :
بعد حمد الله تعالى وشكره على نعمه والثناء عليه والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين وآل بيته الأطهار وأصحابه الغر الميامين أما بعد :
نظراً لما يحدث الآن في بعض محافظات السلطنة من مظاهرات وحالات شغب وتكسير وحرق وترويع ورد من الجهات الأمنية بشدة وقم وتخويف وجت نفسي أكتب هذه المقالة بدون سابق تخطيط أو نيه مسبقة ولكنني أحاول في هذه المقالة المقارنة بين المظاهرات التي حدثة في مختلف محافظات السلطنة في العام الماضي وبين هذه المظاهرات الحالية من حيث الهدف والمصلحة والمفسدة مع قراءه موضوعية للأحداث الدولية وما يصاحبها من ردة فعل عالمية .
اسأل الله العلي القدير أن يوفقني في هذا وأن يجعله في ميزان حسناتي وحسنات والدي

مظاهرات الأمس المُلحة :
انطلقت في العام الماضي بتاريخ 25/2/2011م كما يؤرخها البعض مسيرات في الكثير من محافظات السلطنة منددة لطريقة تعامل الحكومة مع الحالة الاقتصادية وحالة التهميش والتسفيف ونهب مقدرات البلد من قبل بعض وزراء الحكومة هذه المسيرات تحولت إلى مظاهرات التي بدورها تحولت إلى اعتصامات وتجمعات في الشوارع والميادين والمؤسسات والشركات أدت في القليل منها إلى مواجهات مع الجهات الأمنية أسفرت على تخريب للممتلكات العامة وقتل وإصابة البعض .
نعم كانت تلك الوقفة من المواطنين في تلك الفترة مثمرة جاءت بعد تراكمات من الظلم والتهميش للمواطن وجاءت لتعبر عن غضب من كل المواطنين لإنقاذ البلد من أيدي المغتصبين لثروته والناهبين لمقدراته .
نعم كانت نقله نوعية للمواطنين وتغيير جذري في طريقة التعامل مع الحكومة وإرسال اكثر من رسالة تحذير لكل من تسمح له نفسه الضعيفة والمريضة بسرقة المواطن والدفع بالبلد إلى مطبات الطبقية بحيث يزيد الأثرياء ثروة وسطوة ويزيد المواطن فقراً وعوزاً وتتحول الدولة من دولة لمواطنيها تقوم بهم ولهم إلى دولة لرؤساء الأموال والتجار والنهبة والسارقين من قوت الشعوب لنكون كروسيا المريضة مع بداية التسعينيات التي حولها رئيسها بوريس يلتسن لدولة الأغنياء وفقط .
من يجحد فضل وشجاعة وعزيمة من قاموا بتلك الاعتصامات ( السلمية ) كالذي يضع يدية على عينيه لكي لا يرى الشمس في النهار الحارق ، فكيف ينكر نتائجها الرائعة التي غيرت من نمط حياتنا جميعاً فهل يخفا القمر إلا على الأعمى .
وأنا هنا أقول شكراً لكل من قام بتلك الاعتصامات على تضحيته من أجل بلده وشعبه والشكر قليل في حقهم .
رأس الدولة وردت الفعل :
لازلنا نتحدث عما حصل في العام الماضي وهنا أُذكر نفسي وأُذكركم بردت فعل سلطان البلاد المفدى - حفظه الله – الذي تجاوب مع المطالب رغم البطء لكن يذكر له ذلك فيشكر حيث قام بتغيير الحكومة وإجراء إصلاحات ومنع الجهات الأمنية من المواجهة قدر المستطاع ( ولكن كانت هناك خروقات ) وأمر بتوفير وظائف فورية وتوفير معاش شهري للباحثين عن العمل  وإجراء تعديلات على قوانين مجلس عُمان ، ومجلس الدولة والشورى ، وإعطاء صلاحيات للمجلسين ، لقد ذكرت كل هذا ليس للمدح والدفاع والتملق ولكن لقول الحق والتذكير والإنصاف .
دعوني أقارن هنا بين ما حصل عندنا وما حصل في مصر وليبيا من قمع لا هوادة فيها ومواجهات لم تنتهي إلى الآن رغم سقوط الأنظمة وزوالها نظرياً ولكن كانت هناك دماء سالت وتسيل إلى يومنا وستسيل (أدعوا الله تعالى أن يحفظ دماء المسلمين في كل مكان)
دعونا لا نتعب أنفسنا لتذكر ما حصل سابقاً فلننظر لما يحصل حالياً لإخواننا في سوريا من تقتيل وتشريد ومقصف ونهب واعتداءات واغتصابات ونحو ذلك من أنواع التنكيل والتعذيب ( اللهم يا رب السماوات ورب الأراضين اسألك باسمك العظيم أن تحفظ سوريا وشعبها وتهلك الظالم وزبانيته إنك القوي ونحن الضعفاء ) .
وكما قلنا لا يجحد فضل المعتصمين السلميين إلا أعمى نقول هنا الذي لا ينسب الفضل لله أولاً ثم لسطان البلاد كالذي يجحد الخير وينكره ولا ينسبه لأهله فهو كالأعمى بل هو أظل سبيلا . 
مظاهرات اليوم المُضيعة :
قد يستغرب البعض من عنوان هذا الجزء ولكن في خضم الكلام سيعرف ما الذي أقصده بهذا العنوان .
الآن بعد مرور عام على المظاهرات والتعديلات الحكومية جاءت فئة من المواطنين الذي أرادوا إرجاع تلك الفترة وطرحوا فكرة المظاهرات كورقة ضغط على الحكومة للإسراع في تنفيذ المطالبات السابقة والتركيز على زيادة الإصلاحات لتكون أكثر سرعاً وواقعية وتعمل على الأرض لا في أدراج المكاتب ولكن !! وإن كانت هذه الأطروحة من حيث الغاية صحيح والكل يوافق ويدعم ويشجعها ولكن الوسيلة في وجهة نظري لم تكن مناسبة في هذا الوقت والدليل على ذلك ما نسمعه من مواجهات وأعمال تخريبية وحرائق في ممتلكات عامة وخاصة لمواطنين لا دخل لهم ، وكتابة عبارات مسيئة وشتائم لمن يحكمنا والذي يعتبر هو والد لنا ومربي وهذه الأعمال ليست من الدين ولا من العادات ولا التقاليد والأعراف الإنسانية وليست من الفطرة السليمة في شيء .
جاءت هذه المظاهرات التخريبية لتهدم كل الذي بنيناه خلال عام من نقلات والتي تتبعها نقلات حتى وإن اتفقنا أنها نقلات بطيئة ولكنها مثمرة بغض النظر عن وقتها المتأخر نوع ما فلماذا الآن ؟؟؟ ولماذا بهذه الطريقة تعبر عن مطالبنا ؟؟؟ ومن هم الذين يعملون على هذه ؟؟؟ كلها اسئلة تبحث عن إجابات مقنعة واقعية فهل من مجيب عليها ؟؟؟؟؟؟؟؟
لست في معرض ذكر التدخلات الخارجية المكشوفة لعيان من يريد أن يرى ولا في معرض سرد الأطماع ولا حتى بيان أنواع الاختراقات والنوايا السياسية وأحوال الغليان في المنطقة فهل من عاقل يفهم ؟ وهل من حكيم يقرأ الأحوال من حولنا ؟.
الحكومة بين التقدم في الإصلاح والضرب والنواح :
الكل لاحظ تغيير في موقف الحكومة على ما يحصل من مظاهرات فبعد ما كانت تتقدم في الإصلاح وترد على المنتقدين بالأعمال غيرت في منهجها وأضحت تستعمل المواجهة والعنف والضرب والقمع والمنع وتحولت من حكومة إصلاح إلى حكومة الضرب والنواح .
أوجهه كلامي لقيادات الجهات الأمنية في السلطنة أرجوكم لا تحولنا إلى دولة الطوارئ والبوليسية والانجرار وراء ما يريده منكم كل متربص وحاقد خارجي وخائن ضعيف داخلي لماذا العنف بعد اللين ؟ لماذا التصدي بالقوة بعد التصدي بالحكمة ؟ هل تريدون أن ننقاد للعنف وتتحول البلاد إلى كرة اللهب التي يدحرجها كل مترصد ؟ لا أعتقد ذلك .
يجب على الحكومة أن تسرع في إجراء الإصلاحات المتبقية والضرورية ، ويجب عليها أيضاً أن تكون حكومة إنجاز وعمل صادق مستمر وفعل على الأرض لا على الأوراق وتقدم مشاهد واقعاً لا نظرياً مستقبلي ، ويجب على مجلسي الشورى أولاً ومجلس عُمان ثانياً أن يستخدم صلاحياته الدستورية وأن يكون قائماً على الإصلاح في يد المواطن وأن لا يكون خانعاً للمبررات من قبل الحكومة وإلا لينسحب مما هو فيه وليكن كما كان سابقاً نكره لا يعرفه أحد .
على الإعلام الحكومي أن يكون منبراً لنقل الواقع ضاغطاً على الحكومة للتنفيذ وإسراع في الإصلاح وتلبيه مطالب المواطن وإبراز الحاجات والبحث عن الحلول وأن لا يكون مجرد وسيلة نقل لا تقدم ولا تأخر بل لمجرد الثرثرة وإفراغ المكبوت الذي لدى البعض ليس إلا .
يا أفراد الحكومة من وزراء وأعوان ومدراء ورؤساء في الوزارات كونوا قوامين بالخير قائمين بأعمالكم على أكمل وجهة محاربين للفساد مدافعين عن الحق ، ولا تكونوا كمن سبقكم .
في الخــــتـام ندااااااااء وإعلام :
فليعلم كل من تسول له نفسه بالعمل ضدنا واستغلال حاجيات الناس والأحوال التي من حولنا في العالم والمتربص بنا أننا لن نقف مكتوفي الأيدي ونراكم تعبثون بأمننا واستقرارنا وتهدمون ما بنيناه من منجزات بل سنقف صفاً واحداً كلنا المواطنون والحكومة وكل من على هذه البلاد الحبيبة والذين ينعمون بخيرها سنكون في وجه المخربين والمندسين والمحرضين ونقول لكم لن تقدروا على قلب المنجزات إلى مهلكات ولن تستطيعوا أن تجعلوا أبنائنا دمى تلعبون بها لتنفذوا مخططاتكم الخبيثة فنحن أوعى وأذكى مما تضنون .
أقول لمن أراد الخير لنفسه ولغيره من إخوانه المواطنين من الذين يناصرون المظاهرات التخريبية الحالية ويدعمونها بكل ما اوتوا من قوة أقول لهم تريثوا قليلاً ولا تكون مندفعين نحو الحفرة لنهوي وأياكم فيها فتهلكوا وتُهلكونا معكم حكموا العقل ولا تجعلوا المندسين بينكم هم من تحكمون بل أجعلوا عقولكم وقلوبكم هي من تحكم لكم وأنظروا بعين البصيرة والحكمة لا بعين التسرع والعتب "فرب مريد للخير أجهل جلب الشر مستعجل " .
قاعدة فقهية : " مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ "   


0 التعليقات :

إرسال تعليق