التوافق والوسطية والتعايش بين الواقع والأمنيات
نسمع كثيراً منذ مدة عن
التوافق بين الأقران إما سياسياً أو حتى عقدياً ونستمع أيضاً من الكثيرين عن
الوسطية الدينية والإجتماعية وعن التعايش بين الناس بالعدل والمساواة رغم إختلافهم
العقدي والفكري والسياسي فهل يمكن أن يتحقق على الأرض أم إن هي أسماء سميتموها ؟؟؟
لكي يسهل علينا البحث في هذه المتناقضات أعتقد
أن علينا أن نقسمها كل مصطلح على حده وهنا نبدأ:-
التوافق : التَّوافُقُ
التَّوافُقُ ( في الفلسفة ) : أَن يسلكَ المرءُ مسلَكَ الجماعة ويتجنَّبَ ما عنده
من شذوذ في الخُلُق والسُّلوك
المعجم: المعجم الوسيط
الوسطية : لوَسْطُ - وَسْطُ: الوَسْطُ :
ظرفٌ بمعنى " بَيْنَ ". يقال : جَلَسَ وَسْطَ القوم .المعجم: المعجم الوسيط.
التعايش : تعايش - تَعَايُشٌ : ]ع ي ش ]. ( مصدر تَعَايَش) " مُجْتَمَعٌ طَائِفِيٌّ يَعِيشُ
أَهْلُهُ فِي تَعَايُشٍ وَوِئَامٍ
" يَعِيشُونَ فِي تَسَاكُنٍ
وَتَوَافُقٍ دَاخِلَ الْمُجْتَمَعِ عَلَى الرَّغْمِ مِنِ اخْتِلاَفِهِمُ
الدِّينِيِّ وَالْمَذْهَبِيِّ
." التَّعَايُشُ
السِّلْمِيُّ " : تَعْبِيرٌ يُرَادُ بِهِ خَلْقُ جَوٍّ مِنَ التَّفَاهُمِ
بَيْنَ الشُّعُوبِ بَعِيدًا عَنِ الحَرْبِ وَالعُنْفِ .المعجم: الغني
والآن بعد أن فسرنا معنى كل
مصطلح سأطرح سؤال :
هل بالإمكان
لك أخي القارئ أن تتنازل عن معتقدك الديني أو شيء منه من أجل أن تتوافق وتكون وسطي
متعايش مع غيرك ممن يختلف عنك ؟ أم ستطالب بحقوقك الدينية والإجتماعية والسياسية
والتي تضمن لك العيش بكرامة دون المساس بحق من يعيش معك بحقوقه الدينية
والإجتماعية والسياسية ؟ أيهما أفضل لك ولهو ؟ وأيهما مدعاة للإستمرارية؟
نحن عندما نتحدث عن هذه
الكلمات الفضفاضة والتي لا نقتنع بها ولا نطبقها في حياتنا الخاصة فكيف نطالب
غيرنا أن يطبقها ويحتكم إليها أليس في هذا تناقض؟!!
أسمع كثيراً هذه الكلمات في
كل مكان في الشارع وفي المنزل وفي الإعلام وحتى في المسجد ولكنني لا أعرف إلى ماذا
ترمز وهل هي شيء محسوس في مجتمعاتنا وبين أسرنا وفي أماكن عملنا أم هي مجرد لافتات
نحفظها ولا نعي ما معناها كمن يستمع للأغاني الأجنبية ويغنيها وهو لا يعي ما هي
ولا ما يقول فهو كالببغاء وبلا عقل .
لا يجب أن يفهم كلامي على
أنني لا أدعوا لهذه الأخلاقيات ولكني لست مرغماً على التنازل بما أدين الله به من
أجل أن أعيش مع من يختلف معي فهو يحصل على ما يريد وأنا أضيع حقي في الدنيا
والأخرة .
نعلم أننا نعيش في الدنيا
التي لا تكون الغلبة فيها إلا للقوي أو على أقل تقدير للذين يطلب ويبحث وينتزع حقة
بيده لا بيد غيره فهل أتنازل وغيري يأخذ ويأكل ولا يشبع .
الأن أتنازل عن حقي للتوافق
والتعايش ولكي يقال عني أني وسطي وبعد سنوات وللأجيال التي بعدنا يصبح ليس من حقهم
بل مطالبتهم به تكون تطرف وإثارة للفتنة بل ويكونوا متطفلين على حقوق الغير فهل
ستسمح أن تكون أنت السبب في ضياع دنياك وأخرتك بل ودنيا وأخرت من يأتي بعدك؟ إذاً
تحمل العواقب وأبحث عن التوافق والوسطية والتعايش في كواليس الإعلام وخلف أوراق
الكتب السياسية والفلسفية التي لا تلامس واقع وحاجيات الناس.
دمت وأنت متوافقين
ومتعايشين ومتوسطين مع أنفسكم أولاً...
0 التعليقات :
إرسال تعليق